بدأ كل شيء مع توقف كل شيء. نتيجة لظروف قاهرة تعرضت لها مدينتي الموصل في عام ٢٠١٤ أصبح الطالب بدون دراسة والموظف بدون وظيفة وتوقفت الحياة فجأة ومن دون سابق إنذار. إضطررت للمغادرة إلى مدينة أخرى. ووسط كل الفوضى وقتها وفي محاولة لاستغلال الوقت والاستفادة من إتصال الإنترنت لدي وبعيداً عن إضاعته في تصفح مواقع التواصل الاجتماعي، بدأت بالبحث عن كيفية استغلال هذا الوقت بصورة أفضل، وما هي الأشياء التي ستساعدني لأكون شخص ناجح، نتيجة لذلك البحث بدأت تتكون لدي معرفة أساسية عن بعض المجلات كالعمل الحر و العمل من المنزل، التدوين الإلكتروني، التصميم والبرمجة
المحاولة الأولى كانت في مجال التدوين وصناعة المحتوى، انشأت مدونة وبدأت بالكتابة في مجال المقالات الإلكترونية بالرغم من قصر تلك الفترة والعدد القليل من المقالات إلا ان المدونة كانت تحصد عدد لا بأس به من الزيارات اليومية، ولسبب لا أعلمه توقفت.
بعدها بدأت بالانضمام لكورسات عن البرمجة وبالتحديد عن مجال تطوير واجهات المستخدم الأمامية الذي استهواني كثيراً وكان اول شيء اقوم بدراسته بدون ملل او تكلف وبعيد عن الدراسة الروتينية القاتلة. تخللَ هذه الفترة الكثير من الصعوبات والإحباطات لعدة أسباب منها عدم وجود مجتمع داعم، لم يكون لدي تواصل مع أشخاص يشاركونني نفس الاهتمام لكن أفضل مبدأ على الشخص اتباعه في هكذا مواقف هو الاستمرار والاستمرار فقط بالرغم من كل شيء ليكون مستعد قدر الإمكان لأي فرصة قد تقع في طريقه.
تتضاعف الفرص كلما انتهزتها
بعد مدة ليست بالقليلة وأثناء تصفحي موقع فيسبوك ظهر امامي الفيديو الذي غير حياتي، الفيديو الذي في كل ثانية منه كنت أشعر أنه يخاطبني أنا شخصيا وليس للعامة. مرتضى التميمي يتحدث عن توفير وتنظيم منحة ممولة بالكامل للأشخاص المهتمين بدراسة البرمجة من مدينة الموصل.
قمت بملئ استمارة التقديم في اليوم الأخير، ومن مرحلة إلى أخرى حتى وصلت لمرحلة المقابلة النهائية ومن بعدها تلقيت الإتصال الأغلى في حياتي، مرتضى التميمي مرة اخرى يبلغني انه تم قبولي في المنحة وإني مقبول للدراسة في معسكر للبرمجة.
السفر لاسطنبول وبدأ البوت كامب
الذي يميز تجربة السفر، بأنك ستتعلم الكثير من الأمور وتزداد خبرتك في الكثير من الجوانب أهمها الإعتماد على النفس بشكل أكبر، التعرف على ثقافات، مناقشة أفكارك مع الآخرين والعكس واكتساب خبرات جديدة. والاجمل من كل هذا هو أن تكون هذه التجربة سبباً لبدأ معرفتك بأشخاص لهم دور كبير في كوني شخص أفضل ألان.
بدأت الدراسة المنتظرة بشوق، في مدينة مثل اسطنبول، باختصاص لدي رغبة شخصية به ومحاط بأشخاص همهم في كيفية دعمك ومساندتك في كل صغيرة وكبيرة.
التدريب كان برعاية منظمة ريكودد، المتخصصة في توفير فرص دراسية للشباب في المناطق المتضررة من الحروب.
المعسكر التدريبي امتد لخمسة أشهر وبواقع ٣ أيام من المحاضرات اسبوعياً، تخللهُ الكثير من التحديات والصعوبات التي تطلبت العمل الجاد والاستمرارية في التعلم.
قصتي مع ريكودد لم تنتهي مع التخرج بل بدأت بداية جديدة حين تواصلوا معي لاخباري باني مُرشح لأكون ضمن فريق العمل الذي سيقود معسكر تدريبي للبرمجة في مدينتي الموصل وأربيل. شعور من الفرحة والحماس والكثير من الـ imposter syndrome أو متلازمة المحتال بالعربية.
ما الذي تعلمته؟
أي تجربة نخوضها في الحياة ستضيف لنا الكثير من الأفكار والمعتقدات وتساهم في بناء شخصيتنا بشكل ملحوظ بغض النظر سواء كانت تجربة ايجابية او العكس. وهذا ما تعلمته واود مشاركته معاكم:
-
احرص على ان تكون مستعد لأي فرصة قد تأتي في طريقك. كيف؟ اسأل نفسك دائماً ما الذي تحتاجه من مهارات للوصول لشغفك وابدأ العمل.
-
لا تلوم الظروف ابداً، مهما كانت سيئة هناك من نجح وكان في ظرف أسوأ منك.
-
المال ليس دائماً المشكلة، صحيح أنه قد يسرع من وصولك لمبتغاك لكن ستصل بدونه ايضاً.
-
استمع جيداً للآخرين، تقبل ارائهم، سيزيد هذا الشي من ثقة الناس بك ويصبحون أكثر تفاعلاً معك.
-
كن فضولياً، اسأل كثيراً، ادخل النقاشات في مواضيع مختلفة. سيزيد هذا الأمر من خبرتك في عدة مجالات.
-
معرفتك العلمية، شهادتك، معدلك الدراسي، وحدهم ليسوا كافيين للنجاح في سوق العمل. انت دائماً بحاجة للعمل على مهاراتك في التواصل مع الاخرين، العمل ضمن فريق، اعطاء وتقبل الملاحظات، شخصية تبحث باستمرار عن التطوير.…
الرحلة ما زالت مستمرة وفي طور تعلم الكثير من الأشياء، حاولت الاختصار هنا واعطاء الخلاصة، و بكل تأكيد سأكون سعيداً بالتواصل معكم والتحدث بشكل موسع لاي سؤال واستفسار.